تفاصيل قمة مونتجويك
انطلقت المباراة بسيطرة ضيفية لم يتوقعها كثيرون، فبادر إنتر بالتقدم مبكرًا عبر ماركوس تورام الذي استثمر خطأ دفاعيًا في الدقيقة 17، مضيفًا هدفه الشخصي الثاني في الدقيقة 28 من تسديدة قوية بيمناه، مستغلًا تمريرة عرضية دقيقة من دومينيكو بيراردي. بدا أن النيراتزوري في طريقه للتألق على أرض “كامب نو القديم”، إلا أن برشلونة رفض الاستسلام.
وبدون مقدمات، قلص لامين يامال الفارق في الدقيقة 35، بعدما صوّب كرة “على الطاير” من داخل الصندوق، خلقت حالة ارتباك للحارس يان سومر. وعاد الفتى الإسباني ليؤكد جدارته بإضافة الهدف الثاني في الدقيقة 42، إثر هجمة منظمة من الجناح الأيسر، سلّمها إلى فيران توريس الذي أودعها الشباك بسهولة.
مع بداية الشوط الثاني، حاول إنتر استعادة زمام الأداء، ونجح دينزل دومفريس في تسجيل الهدف الثالث من ركلة ثابتة بشكل مميز، قبل أن يرد عليه رافينيا بعد دقيقة واحدة فقط بقذيفة صاروخية من خارج الصندوق، اصطدمت بالعارضة ثم برك ظهر الحارس وسكنت الشباك، ما منح برشلونة حق التعادل في واحدة من أسرع "الردود ذات الأهداف المزدوجة" في تاريخ المسابقة.
رافينيا يحفر اسمه بأرقام نارية
بهذا الهدف الحاسم، ارتفع رصيد رافينيا إلى 12 هدفًا في البطولة، ليقترب من متصدر الهدافين سيرهو جيراسي (13 هدفًا مع بوروسيا دورتموند)، ولكن الأهم بالنسبة للاعب البرازيلي كان تحطيمه لرقم ليونيل ميسي في أفضل مواسمه الأوروبية مع برشلونة.
فقد سجل الأرجنتيني 14 هدفًا وقدم 5 تمريرات حاسمة خلال نسخة 2011–2012، بينما تجاوز رافينيا مجموع مساهمات ميسي (19) بموسم واحد. ولا يتوقف إنجاز رافينيا عند هذا الحد، إذ أظهرت الإحصائيات تفوقه في معدل الأهداف المباشرة (0.52 لكل 90 دقيقة) ومعدل التمريرات الحاسمة (0.35 لكل 90 دقيقة)، مقارنةً بمؤشرات ميسي قبل أكثر من عقد.
كما يشير تحليل Opta إلى أن براعة رافينيا تكمن في سرعته الميدانية ودقته في التسديد من خارج الصندوق، وهو ما تكرّر عبر محاولاته العديدة هذا الموسم.
أهمية الإنجاز بالنسبة لبرشلونة

يراهن تشافي هيرنانديس، مدرب برشلونة، على مواصلة تفوق البرازيلي لضمان وصول “البلوغرانا” إلى النهائي، لا سيما وأن الفريق يملك سجلًا غير مستقر في المباريات الحاسمة بعيدًا عن كامب نو.
ومن خلال تدعيم خط الهجوم بلاعب يمتلك تنوعًا في الأدوار بين الطرفين والمساندة الدفاعية عند اللزوم، يطمح النادي الكتالوني لكسر عقدة خروج المغلوب المبكر التي لازمت الفريق في السنوات الأخيرة.
كما اكتسبت العلاقة بين رافينيا وزملائه، ولا سيما لامين يامال وفيران توريس، تناغمًا واضحًا، يجمع بين التمريرات الأرضية السريعة والإنهاء المتقن.
ويؤكد المدرب الإسباني أن “رافينيا أضفى بعدًا جديدًا على أسلوبنا الهجومي، فهو لا يكتفي بالاختراق الفردي بل يقرأ تحركات الخصم بشكل استباقي، ما يفتح لنا مساحات لخلق الفرص.”
ردود الفعل وآراء المحللين
تناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية الإنجاز، حيث وصفته صحيفة “موندو ديبورتيفو” بأنّه “لحظة فارقة انعشت آمال برشلونة في استعادة مجد القارة”، فيما أكدت “ماركا” أن الأرقام تُثبت أن رافينيا دخل نادي النخبة من بين أكثر اللاعبين تأثيرًا في تاريخ النادي على مسرح دوري الأبطال.
وقال خوسيه لويس سانشيز، محلل “ماركا”: “تفوق رافينيا على ميسي في مرحلة ذهبية، يُعد دليلاً على تطور الكرة الإسبانية في احتضان المواهب البرازيلية التي تنصهر في فلسفة اللعب الجماعي.” وأضاف عبر برنامج تحليل فني تلفزيوني: “الأرقام لا تكذب، وهو يقدم مستوى أعلى من أي جناح مرّ في “كامب نو” منذ رحيل النجم الأرجنتيني.”
التحديات المقبلة

رغم التألق اللافت، يواجه برشلونة تحديات عدة قبل موقعة الإياب في سان سيرو، حيث ينتظر الفريق اختبار صعب أمام دفاع إنتر المنظم تحت قيادة سيموني إنزاجي.
وستكون الجرأة في التعامل مع هجمات الخصم المضادة أمراً حاسمًا، إلى جانب الحفاظ على تركيز رافينيا وتجنبه للإرهاق الذي قد يحدّ من فعاليته في اللقاء الفاصل.
كما يتوجب على الإدارة الكتالونية التفكير في تمديد عقد اللاعب البالغ من العمر 27 عامًا، إذ بات مطلوبًا لدى عدة أندية كبرى تسعى لضم جناح يجمع بين اللياقة البدنية والقدرة على صناعة الفارق.
ويقول مصدر داخل النادي: “نحن نتحدث عن لاعب يملك كل المقومات ليكون نجماً عالمياً، ويحتاج فقط إلى الاستقرار الفني والإداري.”
ختامًا
رسّخ رافينيا مركزه كأحد أبرز صناع الفارق في أوروبا هذا الموسم، وأثبت أن الأرقام القياسية ليست حكراً على الأساطير التاريخية فحسب، بل يمكن للاعبين جدد أن يصنعوا لحظات تتذكرها الأجيال.
ومع بقاء جولة حاسمة واحدة على التأهل، يملك برشلونة أفضلية معنوية قوية، في انتظار أن يُتم البرازيلي ما بدأه ويقود الفريق إلى النهائي الأوروبي.