عاصفة صامتة كين المحبوس في زحمة أهداف بايرن العملاقة
شهد ملعب مونديال الأندية في الولايات المتحدة عاصفة هجومية غير مسبوقة من فريق بايرن ميونخ الألماني الذي سحق ضيفه أوكلاند سيتي النيوزيلندي بنتيجة عشرة أهداف دون رد في افتتاح منافسات المجموعة الثالثة من البطولة وفجّر هذا الانتصار العنيف جدلاً كبيراً حول السبب الحقيقي وراء تراجع مستوى هداف الفريق الإنجليزي المخضرم هاري كين الذي بدا غائباً تماماً وسط زحمة الأهداف البافارية
منذ صافرة البداية انطلق بايرن في مهرجان التهديف وسجل أهدافه الأربعة الأولى قبل مرور عشرين دقيقة وسط دهشة الجماهير الذين تعجّبوا من مرمى أوكلاند الذي تحول إلى هدف سهل أمام قذائف جمال موسيالا ومايكل أوليسي وكينغسلي كومان وتوماس مولر قبل أن يواصل النادي البافاري هجومه المكثف بإضافة هدفين متتاليين قبيل انتهاء الشوط الأول ما جعل النتيجة تصل إلى ستة أهداف نظيفة دون أن يُسجل هاري كين أي مشاركة في صناعة أو تسجيل الأهداف
وبعد التوقف لتعويض الإصابات خرج بايرن ميونخ مهاجماً من جديد فأحرز البديل جمال موسيالا ثلاثية رائعة جاءت بين الدقيقة السادسة والسبعين والدقيقة الثامنة والسبعين والدقيقة الثمانين ليكمل هاتريك أسعد به المدرجات ثم اختتم توماس مولر مهرجان التسجيل بالهدف العاشر في الدقيقة الرابعة والتسعين حاملاً الفريق البافاري إلى صدارة المجموعة بثلاث نقاط وتعميق جراح أوكلاند سيتي الذي بدا عاجزاً عن مجاراة إيقاع العملاق الألماني

على العكس من زملائه الذين انهالوا على الشباك النيوزيلندية كالثور الهائج بدا هاري كين كأنه المحبوس في قلب عاصفة لم تسمح له بإظهار إمكاناته ولم تمنحه فرصة التصويب إلا كرة واحدة على المرمى لم تجد طريقها للشباك ولم تقترب منها كثيراً في مشهد يذكر بعائلة تنسى طفلها المدلل في المنزل أثناء خروجها للنزهة المشتركة إذ بدا النجم الإنجليزي خارج الحسابات تماماً سواء من حيث عدد اللمسات الذي لم يتجاوز 13 لمسة أو التمريرات التي بلغت 9 تمريرات نجح في 6 منها أو المواجهات الثنائية التي خسر معظمها إذ دخل في ثلاث مواجهات فقط وفاز بواحدة منها بينما أخفق في التحامات هوائية عدة
ووفق موقع سوفا سكور فقد منح كين أقل تقييم بين لاعبي بايرن في اللقاء بدرجة 6.8 من عشرة وهو الأمر الذي فاجأ المتابعين والعاشقين لطريقة لعبه الاعتيادية التي اعتادوا رؤيتها على أرضية ملعب أليانز أرينا وفي كأس العالم للأندية على مدار السنوات الماضية إذ كان يتصدر دائماً قائمة هدافي المسابقة متطلعاً إلى الاقتراب من رقم كريستيانو رونالدو القياسي الذي أنهى مسيرته بقمة الهدافين بسبعة أهداف
ولم تقتصر خسارة هاري كين في هذه الليلة على الفرصة الضائعة أو التوهان التكتيكي بل زاد الطين بلة حين شهدت الدقائق الأخيرة مشاركة البديل جمال موسيالا الذي سجل هاتريك في نصف ساعة فقط بعد دخوله مكان كين في الدقيقة الحادية والستين ليؤكد أن بايرن ليس مديوناً بأي لاعب بل بنموذج يعتمد على القوة الجماعية وتعدد خيارات الهجوم كما شدّد مدرب بايرن على أهمية الروح الجماعية على حساب الأسماء الكبيرة مهما كانت ألقابها وبراعتهما في الملاعب
وأثارت سخرية حساب بايرن ميونخ الرسمي على منصة إكس ضجةً كبيرة حين نشر صورة لحارس مرمى بايرن مانويل نوير وهو ينظر بهدوء تام إلى ملعب المواجهة مرفقةً بتعليق مفاده أن هذا هو نوير لمن لم يشاهده عبر الشاشة اليوم في تذكير ساخر بأن الفوز لا يبدأ من الهجوم وحده بل من صلب الدفاع الذي حافظ على شباك نظيفة طوال التسعين دقيقة وسط زحمة الأهداف
تحليل فني للمباراة يشير إلى أن نهج الضغط العنيف الذي فرضه بايرن منذ لحظة استرجاع الكرة ووصولها إلى الثنائي فيتينيا وأوليسي كان العامل الحاسم في هزيمة أوكلاند سيتي إذ أُعيق تمرير الكرة في مساحات الوسط ليجد دفاع الخصم نفسه مشدوداً أمام حشود بدت كالغناف الهائج لا يرحم ويجعل المساحات تتسع وخطوط التغطية تنهار واحدة تلو الأخرى ويترك اللاعبون الهجوميون الفرصة لاستكشاف المرمى المتاح لرؤية الأهداف تسجل بسهولة

كما أن تبديلات فينسنت كومباني المدير الفني لفريق أوكلاند لم تجد نفعاً أمام حالة الإرباك التكتيكي والضغط العالي الذي مارسته أقدام بايرن المتلاحقة بينما بدا لاعبو أوكلاند عاجزين عن تنظيم أي هجمة منظمة حتى عندما ابتعد التشويش عن منطقة جزائهم واهتزت شبكة حارسهم أكثر من عشر مرات دون توقف
هذا الانتصار العنيف يضع بايرن ميونخ في موقع الصدارة قبل مواجهات المجموعة الثالثة المقبلة التي سيخوض فيها مباراته الثانية ضد بوكا جونيورز الأرجنتيني فجر يوم السبت القادم قبل مواجهة بنفيكا البرتغالي في ختام دور المجموعات يوم الرابع والعشرين من يونيو الجاري أما أوكلاند سيتي فسيلزم عليه تحقيق معجزة فنية ونتائج مفاجئة لتعويض فارق الأهداف الضخم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حظوظه في التأهل إلى نصف النهائي
ختاماً تبدو ليلة الأرقام القياسية في هذه النسخة من كأس العالم للأندية شاهدة على قدرة بايرن ميونخ على استعراض تفوقه التكتيكي والبدني أمام خصوم أقل مستوى ولكنها في الوقت نفسه سجلت حالة غريبة في افتقاد هاري كين لدور الطفل المدلل الذي لا يعوض وكيف يمكن للعائلة أن تنسى أحد أبنائها في تلك النزهة الرنانة وسط ضجيج الأهداف مما يجعلنا نتساءل عمّا إن كان سينجح النجم الإنجليزي في استعادة بريقه مجدداً في قلب الملحمة المقبلة أم سيبقى في مختبئه بعيداً عن تتويج شباك الخصوم بهدواره المعتاد؟