في تطور غير متوقع لأحلام جماهير الزمالك بعودة "النمر الأبيض" إلى القلعة البيضاء، أعلن لاعب الوسط المخضرم طارق حامد تمسكه بمواصلة مشواره الاحترافي في الدوري السعودي للمحترفين، رافضًا العرض الذي قدمه له ناديه السابق خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة. ويأتي هذا الموقف بعد تواصل رسمي من إدارة الزمالك، التي سعت لإعادة أحد أبرز صيادي الكرات في تاريخها، إلا أن حامد أبلغ مسؤولي القلعة البيضاء برغبته في إنهاء عقده مع ضمك قريبًا قبل التفكير بأي خطوة للعودة.
رحلة الاحتراف السعودي ومستوى طارق مع ضمك
غادر طارق حامد صفوف الزمالك صيف 2022 مجانًا، بعد ثمانية مواسمٍ قضاها في قلب خط وسط الأبيض، حيث فاز معه بلقب دوري الأبطال 2014، والدوري المصري 2015 و2021، وكأس مصر ثلاث مرات. انتقل بعدها إلى صفوف الاتحاد السعودي، قبل أن ينضم في صيف 2023 إلى ضمك، مشاركًا حتى الآن في أربع مباريات رسمية بالدوري، وقد أظهر قدرة جيدة على المساهمة الدفاعية وتحريك الكرة من العمق، رغم أنه لم يسجل أهدافًا أو يصنع في المراحل الأولى من تجربته الجديدة.
ويعكس أداء حامد مع ضمك رغبة اللاعب في كسب المزيد من الدقائق الاحترافية في بيئة خط وسطها أكثر زخمًا واحتكاكًا بدنيًا من البطولات المحلية، ما يساعده على صقل قدراته الفنية والبدنية مع تقدم العمر. ويعد الدوري السعودي خيارًا مفضلاً لعدد من نجوم المنطقة، إذ يوفر عقودًا مغرية ومستوى تنافسيًا متصاعدًا بفضل الاستثمارات الضخمة في المواسم الأخيرة.
عرض الزمالك ورغبة الاستعادة
وفقًا لتقرير صحيفة "الوطن" المصرية، فتح الزمالك قنوات اتصال سريعة مع وكيل حامد في الأسابيع الماضية، معبّرًا عن رغبته في الاستفادة من خبرته التي تراكمت داخل أسوار النادي وعلاقته القوية بالجمهور. وكان الهدف من تجديد التعاون مع حامد سد الفراغ الذي يعاني منه خط وسط الأبيض، لا سيما في الجانب الدفاعي وقطع الكرات أمام المحاور المنافسة.
وردّ طارق حامد على هذا العرض بأسلوبٍ مهني، مؤكدًا لمسؤولي الزمالك تقديره للحنين التاريخي ومحبة الجماهير، لكنه أشار بوضوح إلى نيته الاستمرار في الدوري السعودي إذا جرى تجديد عقده مع ضمك، أو البحث عن فرصة جديدة في البطولة نفسها، مع تأجيل أي قرار بالعودة إلى مصر حتى نهاية تجربته الاحترافية في الخارج.
أسباب الرفض والتحفظ على الباب

يبدو أن طارق يمتلك أكثر من سببٍ دفعه إلى رفض العودة في الصيف القادم:
1. الاستقرار المهني والعائلي:
يرتبط اللاعب حاليًا بعقدٍ يمتد إلى يونيو 2025 مع ضمك، ويرغب في استكمال موسمه كاملاً قبل اتخاذ أي قرارٍ مفصلي. كما يعدّ الاستقرار العائلي في السعودية عاملاً مهمًا، لا سيما مع وجود أسرته منضمّة إليه في جدة.
2. المحافظة على اللياقة والفعالية:
يري حامد أن لعب موسمٍ كامل في الدوري السعودي يساعده على الحافظ على لياقته البدنية ومستوى المهارة وسط ضغط المباريات، مقارنةً بالعودة المفاجئة إلى الدوري المصري الذي قد يفرض عليه نمط لعب مختلف وإيقاع أسرع.
3. آفاق الاحتراف الآسيوية:
قد يفتح تحدي الدوري السعودي أمام حامد آفاقًا جديدة للمشاركة في دوري أبطال آسيا، ما يزيد من جاذبية بقائه مع ضمك أو انتقاله إلى نادٍ أكبر في المنطقة.
مع ذلك، لم يُغلق اللاعب الباب تمامًا أمام الأبيض، إذ أكد لمسؤولي ناديه السابق أنه سيعيد النظر في العودة إذا تعثرت مسيرته الاحترافية في السعودية بانتهاء عقده دون تجديد، أو إذا وجد أن عرض الزمالك يتضمن مدة أطول والتزامات واضحة أمامه، مع رؤية فنيّة تثق به لإعادة بناء القوة الدفاعية في وسط الملعب.
تداعيات القرار على القلعة البيضاء
يمثل قرار حامد صدمةً لمجلس إدارة الزمالك الذي اعتقد أنه يستطيع استعادة واحدٍ من أفضل لاعبي خط الوسط في جيله، لكن الرفض يشكل أيضًا فرصةً للنادي للبحث مبكرًا عن بدائلٍ محلية أو أجنبية لتعزيز المحاور الدفاعية والهجومية في آنٍ واحد. ومن بين الأسماء المطروحة:
- محمد أحمد "زيزو": قادر على لعب دور المحور الدفاعي وصانع الألعاب، ومعروف بقوته في الكرات الثانية.
- استقدام محترف أفريقي: قد يختار الزمالك التوجه نحو سوق غانا أو المغرب لاستقدام لاعب وسطٍ دفاعيٍّ يملك بنية جسدية عالية وخبرة إفريقية.
- تصعيد ناشئ: هناك رغبة متصاعدة في إشراك ناشئي الأكاديمية، وعلى رأسهم علي جلال وعلاء عطية، اللذين أظهرا مستويات طيبة في دوري الدرجة الثانية وبطولة الشباب.
بالإضافة إلى ذلك، سيدرس الجهاز الفني بقيادة إيهاب جلال توازي خياراته التكتيكية، ربما بالاعتماد على خطة 4-3-3 أو 3-5-2 التي تتطلب رأس حربة متوسط واثنين من المحاور الدفاعية والوسطاء الذين يستطيعون الانتقال السريع بين الدفاع والهجوم.
مستقبل حامد وبعد احتراف السعودية

يبدو أن مسيرة طارق حامد في الدوري السعودي لم تنضج بعد، إذ ينتظر اللاعب خوض تجاربٍ أكبر ربما مع أنديةٍ تنافس على المراكز الأولى، أو توسيع دائرة عروضه نحو الإمارات وقطر، حيث لا تزال السوق الخليجية تتابع بحرصٍ مواطنه المخضرم. وقد يوفر له المشوار السعودي فرصة لكتابة فصلٍ جديد في مسيرته، خاصة إذا تمكن من قيادة ضمك إلى مركزٍ متقدم أو للتأهل لأول مرة لدوري أبطال آسيا.
وعلى المديين المتوسط والبعيد، يُحتمل أن تفكر الأندية المصرية العريقة في ضم لاعبٍ بحجم حامد مجددًا، لكن ذلك سيكون مرتبطًا بأدائه ومستواه عند نهاية عقده في السعودية. في المقابل، سيكون الأبيض مضطرًا لتعويض غيابه بتعزيزاتٍ نوعية تحافظ على التوازن الدفاعي وتستعيد روح "الإغلاق" التي ميزت خطوطه الوسطى في أفضل مواسمه القارية.
في انتظار حسم ملف الانتقالات الصيفية، يواصل الزمالك استعداداته للمنافسة على الدوري والكأس ودوري أبطال إفريقيا، مع إدراكٍ كاملٍ بأهمية استقطاب صانع ألعاب أو محور دفاعي قادرٍ على ملء الفراغ الذي سيتركه الرحيل المحتمل لطارق حامد، لكن بلا شك تبقى ذكرى "النمر الأبيض" في ذهن الجماهير الأكثر إخلاصًا للأبيض.