بداية مباركة وانقلاب سريع
انطلقت مواجهة الإياب على ملعب “بي سي بلاس بنك”، وسط ترقب كبير لليو وعشّاق إنتر ميامي لتعويض خسارة الذهاب 2-0 أمام وايتكابس. وتحوّل التفاؤل سريعًا إلى صدمة حين افتتح أصحاب الأرض التسجيل بهدف مبكر من جوردي ألبا في الدقيقة 27، الذي أسكن الكرة في شباك الفريق الكندي مستفيدًا من تمريرة عكسية ذكية. بدا التعويض قريبًا، لكنّ التحكّم التام في اللقاء انتقل لصالح وايتكابس الذي اكتسح منذرةً بليلة طويلة للنجم الأرجنتيني.
ثلاثية ترسم مأساة جديدة
لم يمض وقت طويل حتى ردّ الوايتكابس بثلاثية مباغتة: الأولى جاءت عبر بريان وايت بعد هجمة مرتدة منظمة، قبل أن يضيف بيدرو فايت الهدف الثاني بتسديدة أرضية متقنة في الدقيقة 55. وعندما حاول ميسي وبعض زملائه تصحيح المسار، أنهى سيباستيان بيرهالتر فصول الحكاية بهدف ثالث في الدقيقة 72 بعد مجهود فردي مميز.
هذه الأهداف الثلاثة كشفت عن هشاشة دفاع إنتر ميامي وغياب التناغم التكتيكي، رغم امتلاك الفريق الأرجنتيني أسلحة هجومية لا يُستهان بها.
ميسي.. بين الأرقام المتواضعة والتوقعات المفقودة

رغم سيطرته على الكرة لمساحات جيدة واستلامه 30 تمريرة خلال المباراة، لم يساهم ليو بأي هدف أو صناعة، واكتفى فقط بخمسة مراوغات ناجحة من ست محاولات وأرسل تسديدتين على المرمى مقابل ثلاث تسديدات خارجه.
دقة تمريراته لم تتجاوز 73%، وبلغت التحاماتْه الأرضية الناجحة ثمانية من أصل خمسة عشر، فيما لم يدخل في أي صراع هوائي وخسر الكرة 19 مرة. وهذه الأرقام، وإن بدت مقبولة على مستوى اللياقة البدنية، لا ترقى لمستوى “الخلاص” الذي اعتاد عليه الجمهور في فترات تألقه السابقة.
خافيير ماسكيرانو تحت المجهر
المدير الفني الأرجنتيني الذي تولى مهمة إنقاذ إنتر ميامي من فشلٍ مُرتقب، وجد نفسه أمام معضلة كبيرة: هل يعجز عن إعادة تشكيل دور ليو في الملعب أم أن ميسي هو المسؤول الأول عن افتقاد الفعالية؟
الجماهير ظلت تتساءل عن شكل التوازن الدفاعي والهجومي ضمن بنية الفريق، خاصة بعدما بدت التغييرات التي يجريها ماسكيرانو عاجزة عن وقف تدفق الأهداف. فوزيتش وزلاتكو كابانغولو بدآ يلفت الأنظار في الشوط الثاني، لكنّها جهود ليست كافية لمجاراة الضغط العالي وقراءة الكرات المرتدة.
انعكاسات خروج القطبين على المشهد القاري

لم تكن خسارة ميسي الحدث الوحيد الذي يشير إلى نهاية حقبة ذهبية في كرة القدم؛ ففي نفس اليوم، أعلن كريستيانو رونالدو عن وداعه القاري بعد خروج النصر السعودي من نصف نهائي دوري أبطال آسيا على يد كاواساكي فرونتال.
وكأن الاتحاد القاري للعبة أراد توجيه إشارة مفادها أن “الأساطير” لم يعودوا قادرين على حسم مصير جولات الحسم بمفردهم، وأن الزمن يفرض جيلًا جديدًا من المواهب.
لامين يامال ورونق البداية الجديدة
في هذا السياق ارتفعت أصوات المطالبين بمنح الفرصة الكاملة للشاب لامين يامال، الذي خطف الأضواء في مواجهات برشلونة ضد إنتر بتألقه اللافت وأهدافه الصغيرة التي جعلت البعض يؤمن بأنه الوريث الحقيقي لمسيرة ميسي في “كامب نو”.
يامال (17 عامًا) قدّم أداءً أكثر نضجًا وتناغمًا مع زملائه، مما يعزز فكرة أن المستقبل لم يعد مرتبطًا باسمٍ واحد، وأن تحوّل الخريطة الكتالونية سيمرّ عبر دماءٍ شابة طموحة.
رافينيا.. البرازيلي الذي يتحدى الأرقام
لا يقتصر الحديث عن نهاية حقبة الأساطير على ميسي ورونالدو فقط؛ فقد سجل رافينيا موسماً استثنائياً مع برشلونة في دوري أبطال أوروبا 2024–2025، بعدما وصل إلى 12 هدفًا و8 تمريرات حاسمة، ليحطم رقم ليونيل (14 هدفًا و5 تمريرات حاسمة في 2011–2012) من حيث المساهمات الإجمالية.
هذا التفوق الإحصائي يؤكد ميل الكفة اليوم لصالح لاعبين جدد يحملون زخماً وسرعة وقدرة على اقتناص الفرص من خارج منطقة الجزاء بأهدافٍ صاروخية.
هل هي النهاية حقًا؟
رغم لهيب المواجهات الخاسرة التي عصفت بسمعة الأسماء اللامعة في السنوات الماضية، يبقى التساؤل الأهم: هل انتهت حقبة ميسي ورونالدو أم هي مجرد بداية لتراجع قصير الأمد قبل عودة أخرى؟
الغالبية تشكّك في قدرة الاثنين على مواصلة صنع الفارق كما اعتادوا، في ظل تقدم العمر وزحف الأرقام. وقد بات ملمح التشكيك واضحًا بين الجماهير والمحللين الذين يرون أن ذروة الأسطورة وصلت ذروتها بالفعل، وأن المشهد الكروي على موعد مع عصرٍ جديدٍ يكتبه ضمنه لاعبون شباب.
خاتمة: الموازين تتغير
خسر ليو أمام وايتكابس، وخسر كريستيانو أمام كاواساكي، فإذا كانت خسائرهما قاسية في سياقات مختلفة — قاري وآخر قاري — فإن الرسالة واحدة: كرة القدم تتطور، ولا أحد فوق قوانينها.
قد يكون هذا الوداع المؤقت لكبارها مؤلمًا، لكنه يحمل في طياته ميلادًا لعصور جديدة، يتخطى فيها نجمٌ أو أسطورةٌ واحدة، ليصبح النجاح الجماعي عنوان المرحلة المقبلة.