خلفيات الشائعات
انطلقت شرارة الحديث عن انتقال محتمل لكلوب إلى سانتياغو برنابيو مع بداية هذا الشهر، عندما أبلغ المدرب الألماني مسؤولي "الميرينغي" باستعداده للدخول في مفاوضات جدية، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "سبورت" الكتالونية. وجاءت تلك الخطوة في سياق تقييم إدارة ريال مدريد البدائل أمام استحقاقات الموسم المقبل، خصوصًا مع يُسرّ الحديث عن إمكانية إعفاء كارلو أنشيلوتي أو البحث عن دماء جديدة بعد رحلة استمرت موسمًا واحدًا لتجديد الدماء داخل الفريق.
كما سرى خبر إضافي عن استياء كلوب من منصبه الحالي في مؤسّسة "ريد بول" الرياضية، التي عمل بها في دور استشاري وتقني عقب رحيله من ليفربول صيف 2024. وعلّل بعض المطلعون سبب رغبة الألماني في العودة لساحة المدربين بكونه "لم يعد يجد الحماس المطلوب في مهام الإدارة الرياضية"، وهو ما غذّى توقعات بأن اتصالًا هاتفيًا وحيدًا قد يطيح بكارت المواجهة الأوروبية ويصنع "الصفقة الحلم".
الضربة المعاكسة: تأجيل “الصفقة”

غير أن خريطة الطريق تغيرت فجأةً بعد نشر صحيفة "التلغراف" البريطانية تقريرًا نقلًا عن مصادر قريبة من الجهاز المقرب من كلوب، تفيد بأنه "لن يعود للعمل الميداني بصفة مدرب رئيسي قبل صيف العام المقبل". وأكدت الصحيفة أن المدرب البالغ من العمر 57 عامًا عبّر عن استمتاعه بدور الجد للمرة الأولى في حياته، مؤكدًا أنه يعتزم التمهل حتى صيف 2026 لاتخاذ قرار العودة إلى القيادة الفنية بدوام كامل.
وأشارت "التلغراف" كذلك إلى أنه لا توجد أي دلائل حالية تشير إلى انخراط كلوب في نقاش رسمي يخص تدريب أندية الدرجة الممتازة قبل ذلك الموعد، في وقت يفضّل فيه التركيز على برنامجه العائلي والتزامه ببعض المشاريع الخيرية التي أطلقها مؤخرًا تحت راية مؤسّسته "EveryCityMatters"، والتي تهدف إلى دعم الفئات المهمشة في كرة القدم عبر العالم.
انعكاسات على سوق المدربين
يبقى تأجيل صفقة "قنبلة الموسم" خبأً للأندية الأخرى التي كانت ترى في كلوب الحل الأبرز لتجاوز حاجز المنافسة المحلية والألقاب الأوروبية. فمن جهة ريال مدريد، يعني استمرار حالة عدم اليقين بموقف المدرب الإيطالي أنشيلوتي، الذي يُرجّح أن ينال مهلةً جديدةً لتعليق مصيره على نتائج دوري الأبطال وكأس الملك في نهاية الموسم. ومن جهة أخرى، يتيح الأمر للأندية الأخرى ـــ وعلى رأسها مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان ـــ فرصة مبكّرة لبدء مفاوضاتهم مع مدربين كبار مثل ماوريسيو بوكيتينو وماسيميليانو أليغري، قبل أن يلتقطهم باريس وبايرن ميونخ في سوق الانتقالات الصيفية.
أسباب التمهّل: نظرة كلوب

تكشف تصريحات كلوب غير الرسمية عن أسباب رغبته في تأجيل العودة للعمل الميداني. فهو يرى أن "الانخراط مع فريق بحجم ريال مدريد يستدعي تفرغًا تامًّا وجاهزية ذهنية وجسدية، وهو ما يتعارض مع رغبته الحالية في منح كامل وقته لعائلته ومعايشة لحظات الجدّة لأول مرة". كما يوضح المطلعون على محيطه أن المدرب الألماني يعاني من ضغوط نفسية بعد ثمانية أعوام حافلة بالبطولات في أنفيلد، ويرغب في استعادة الشغف التدريبي تدريجيًا، عبر مشاريع قصيرة الأمد أو استشارات فنية قبل الالتزام الكامل.
وكانت آخر محطة تدريبية لكلوب مع ليفربول قد شهدت تتويجه بدوري الأبطال واللقب المحلي في موسم 2021–2022، قبل أن يغادر مطلع الموسم الماضي، ويقبع اليوم في موقع المرشح الأوّل لأي وظيفة شاغرة، حتى لو كان بانتظار دورته القادمة.
سيناريوهات المستقبل
في حال حافظ كلوب على قرار التأجيل حتى صيف 2026، فإن ريال مدريد سيجد نفسه أمام حزمة خيارات تقليدية تبدأ بتجديد الثقة في أنشيلوتي أو تعيين مدرب سبق أن اشتهر باللعب الهجومي، كالبرازيلي تيتو فيلانوفا أو الأرجنتيني دييغو سيمنتو. أما إذا تراجع عن هذا القرار وفتح باب التفاوض قبل الموعد المحدد، فقد يتوسّط وسيط ألماني للجلوس مع فلورنتينو بيريز في دور علني، يضرب به المثل في بلاط الملكي بكثرة الاتفاقات الفاشلة.
مهما كانت الخطة، يبقى يورغن كلوب إحدى الشخصيات القليلة القادرة على تغيير وجه ريال مدريد التكتيكي والإداري بلمسة واحدة، ما يجعل متابعة تطورات هذا الملف من أكثر المواضيع إثارة لشهر رمضان القادم في الأوساط الرياضية الإسبانية والأوروبية معًا.