شرير الليجا.. بوردالاس يتحدى قيود تيباس ويجهز “كرته القبيحة” لإسقاط ريال مدريد وبرشلونة!
من قلب الأزمات خرج خيتافي ليولد من جديد في ليجا مشوهة تحت وطأة قوانين اللعب المالي النظيف,في دوري تحكمه الأندية العملاقة، تنبثق أحياناً حكايات صغيرة تخطف الأنظار وتكسر كل التوقعات,هذا الموسم، ورغم أن البداية لا تزال مبكرة، يطل خيتافي كأحد أبرز أبطال هذه الحكايات، فالفريق المثقل بالأزمات المالية، وقائمته المحدودة، واحتمالية فقدانه لأبرز نجومه، يقف شامخاً في صدارة الليجا برصيد ست نقاط من مباراتين، متساوياً مع ريال مدريد وبرشلونة، ومقدماً نفسه كالحصان الأسود الذي يجيد الركض في ظروف لا يجرؤ غيره على خوضها.
فلسفة “الكرة القبيحة”: عبقرية بوردالاس المكروه
أقل نسبة استحواذ في الليجا، الأكثر ارتكاباً للأخطاء، وأقل وقت لعب فعلي في أوروبا، تلك الأرقام تخص خيتافي الموسم الماضي، وليست حالة عابرة، بل هويته التي لا يزال يتمسك بها وهو في القمة,وراء ذلك يقف خوسيه بوردالاس، المدرب الذي صنع مجده عبر ما يعرف بـ (Anti-football) أو “الكرة القبيحة”، أسلوب يكسر قواعد كرة القدم الإسبانية القائمة على المتعة والتمرير، حتى بات يُلقب بـ “شرير الليجا”,يرى المحللون أن أسلوبه قائم على “الفوضى المنظمة” لكسر إيقاع المنافسين وجرهم لمعركة بدنية ونفسية مرهقة,تكتيكياً، يعتمد على كتلة دفاعية مدمجة وخط متقدم يترك المساحات في الأطراف ليجبر الخصم على اللعب حيث يريد، ثم يطبق الخنق العددي,قد يبدو أسلوبه للبعض قبيحاً، لكنه فعال لدرجة مذهلة، حيث يحول فرقه محدودة الإمكانيات إلى كوابيس ترعب كبار الليجا.
روح تتحدى التوقعات

“يقولون إن فريق بوردالاس يعتمد على الخشونة فقط، لكننا اليوم انتصرنا بكرة القدم”، بهذه الكلمات لخص لويس ميّا هوية الفريق الجديدة بعد الفوز على إشبيلية,فخيتافي، المعروف بروحه القتالية وصلابته الدفاعية، كشف عن جانب مختلف، حيث أصبح يجسد وحدة تتحدى الظروف، كما قال ميّا: “رغم الوضع الصعب، نحن نتحد ونقاتل معاً”,هذه الروح الصلبة هي ما تجعل خيتافي خصماً لا يُستهان به، فريق يزداد قوة كلما اشتدت الظروف.
لغة الأرقام.. قوة هجومية غير متوقعة
قصة خيتافي لا تُختصر في الروح أو الترتيب، فالفريق حقق فوزين خارج أرضه أمام سيلتا فيجو وإشبيلية، جامعاً ست نقاط يصعب على الكبار جمعها,الإحصائيات تدعمه، إذ يحتل المركز الثالث في الليجا بالمراوغات الناجحة (9.5 مراوغة في المباراة)، متفوقاً على ريال مدريد,كما يحتل المركز السادس في صناعة الفرص المحققة، والأهم أن مهاجمه الشاب أدريان ليسو، المعار، يتصدر ترتيب هدافي الليجا بثلاثة أهداف متساوياً مع كيليان مبابي، ليصبح بطل القصة المفاجئ.
ضحية قيود تيباس.. سوق انتقالات للبقاء لا للبناء
انتقالات خيتافي كانت انعكاساً لمعاناة الأندية الإسبانية مع قوانين اللعب المالي النظيف التي يفرضها خافيير تيباس,فالنادي أنفق 1.8 مليون يورو فقط، بينما دخل خزينته 12.6 مليون يورو، معظمها من بيع مدافعه الأساسي عمر ألديريتي إلى سندرلاند، ليوجه فائضه المالي للبقاء لا للتعزيز,هذه القوانين تجبر أندية مثل خيتافي على بيع نجومها ليس لتطوير الفريق بل فقط لتسجيل لاعبين جدد برواتب مقبولة، وغالباً عبر إعارات أو صفقات مجانية,القضية الأبرز تخص كريستانتوس أوتشي، حيث أكد الرئيس أنخيل توريس أنه “مضطر لبيعه”، بينما يتمسك بوردالاس به واعتبر رحيله “مشكلة خطيرة”، ما يكشف كيف قهرت القيود المالية الطموحات الرياضية,لكن الأثر الأوسع هو إضعاف المنافسة الإسبانية قارياً، فأندية البريميرليج الغنية تقابل خصوماً مجبرين على بيع نجومهم لمجرد البقاء.
معجزة بوردالاس: الفريق الوحيد في أوروبا بتبديل وحيد!

في زمن باتت فيه التبديلات الخمسة سلاحاً حتمياً، أدهش بوردالاس أوروبا عندما أجرى تبديلاً وحيداً ضد إشبيلية، من أصل 96 فريقاً في الدوريات الكبرى,البديل إسماعيل دخل مكان ميّا المنهك، وجاء التغيير اضطرارياً لا خياراً، فالفريق يملك 6 لاعبين غير مسجلين بسبب قيود الليجا، فيما جلس على الدكة شبان من الرديف غير جاهزين بدنياً,برر بوردالاس قائلاً: “الفريق كان جيداً ولم أرغب في تغييره، والبدلاء من الشباب ليسوا بنفس مستوى الجاهزية”.
أشباح الماضي واختبارات المستقبل
هذه الصلابة لها جذور، فالموسم الماضي أجبر خيتافي برشلونة على التعادل وكاد يحرمهم من اللقب، كما عانى ريال مدريد كثيراً للفوز عليه,النسخة الحالية تبدو أكثر شراسة، لكن التحديات الحقيقية تقترب، حيث سيواجه فالنسيا، برشلونة، وريال مدريد في اختبارات نارية,وحدها هذه المواجهات ستحدد إن كانت “ظاهرة خيتافي” مجرد حلم قصير أم قصة نجاح طويلة الأمد.
في النهاية، تُثبت قصة خيتافي هذا الموسم أن الروح القتالية، والتكتيك الذكي حتى وإن كان “قبيحاً”، والإيمان بالجماعة، قادرة على مجابهة القوانين المالية الصارمة ومنافسة عمالقة اللعبة.
وبين مطرقة تيباس وسندان مواجهة ريال مدريد وبرشلونة، يبقى خيتافي الدليل على أن كرة القدم لا تزال مليئة بالمفاجآت.
والسؤال: هل سيواصل بوردالاس كتابة فصول هذه الملحمة، أم توقفه اختبارات الواقع وقسوة السوق؟ المستقبل سيكشف الإجابة.