
يواجه عالم الكرة السعودية والإماراتية موجة من التساؤلات حول مستقبل المدرب التونسي نور الدين بن زكري، الذي برز في الفترة الأخيرة بقيادته لفريق الخلود في دوري روشن السعودي. فقد انتشرت تقارير إعلامية تُشير إلى إمكانية انتقاله لتولي مسؤولية تدريب المنتخب الإماراتي بشكل مؤقت، إلا أن ما أكده الإعلامي السعودي أحمد الجدي من خلال تغريداته على منصة “X” (المعروفة سابقًا بتويتر) أنه لا توجد حالياً مفاوضات مع الاتحاد الإماراتي، وأن بن زكري لا يزال ملتزماً بمهمته مع الخلود.
منذ توليه قيادة فريق الخلود في أكتوبر الماضي، استطاع بن زكري أن يترك بصمة واضحة في تاريخ النادي، إذ جاء تعيينه خلفاً للمدرب البرتغالي باولو دوارتي بعد سلسلة من النتائج السيئة. ويعود الفضل في ذلك إلى خلفيته الواسعة في إنقاذ الفرق من مصير الهبوط، إذ كان له دورٌ ملحوظ في إنقاذ أندية مثل الفيحاء وضمك في موسمي 2019 و2020، كما ساهم في رفع أداء الأخدود خلال الموسم الماضي.
تحت قيادته، تمكن فريق الخلود من تحقيق 8 انتصارات من أصل 9 انتصارات صنعها الفريق خلال هذا الموسم، ما أكسب النادي بعض الثقة والمصداقية على مستوى دوري روشن. ومن بين اللحظات البارزة في مسيرته مع الخلود كان الفوز الصغير على الأهلي بنتيجة 1-0 في الجولة 15، بالإضافة إلى تعادل مثير مع النصر بنتيجة 3-3 في الجولة 8، وخسارة مشحونة ضد الاتحاد بنتيجة 3-4 في الجولة 18، مما أوضح مدى التحديات التي يواجهها الفريق في محاولة البقاء بين كبار الدوري.
في خضم هذه الإنجازات، بدأت تنتشر أخبار عن مفاوضات محتملة بين الاتحاد الإماراتي لكرة القدم وبن زكري لتولي قيادة المنتخب الإماراتي بشكل مؤقت. جاءت هذه الشائعات بعد أن أعلن الاتحاد عن إقالة المدرب البرتغالي باولو بينتو من تدريب “الأبيض” رغم تحقيق الفوز على كوريا الشمالية ضمن تصفيات كأس العالم 2026. ومن هنا، بدأ الإعلاميون والمحللون يناقشون مدى احتمالية انتقال المدرب التونسي إلى الساحة الدولية مع المنتخب الإماراتي، وهو ما أثار جدلاً واسعاً بين جماهير الكرة ومتابعي الأندية.
ولكن، فيما يشير بعض الصحفيين إلى أن انتقال بن زكري قد يكون بمثابة خطوة استراتيجية لتطوير المنتخب الإماراتي في فترة انتقالية، يؤكد أحمد الجدي في تغريداته أن هذه الشائعات لا أساس لها في الواقع. فقد كتب الجدي: “المدرب بن زكري مستمر مع الخلود .. لا يوجد مفاوضات (حتى الآن) مع الاتحاد الإماراتي لتدريب منتخب الإمارات”. هذا التصريح يهدف إلى طمأنة جماهير الخلود ومتابعي الدوري بأن المدرب لن يترك الفريق في وقت حرج، خاصةً في ظل المساعي الكبيرة لتحقيق نتائج إيجابية في دوري روشن السعودي.
يأتي هذا الإعلان في سياق حالة من التركيز والتحديات التي يواجهها منتخب الإمارات في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026. إذ يحتل المنتخب الإماراتي حالياً المركز الثالث في المجموعة الأولى برصيد 13 نقطة جمعها من 8 مباريات، وهو ما يضعه في موقع يحتاج إلى تحسين النتائج في آخر جولتين من التصفيات، خاصةً في مواجهة منتخبات قوية مثل أوزبكستان وقيرغيزستان. وفي هذا السياق، كان من الممكن أن يمثل انتقال بن زكري خطوة نحو تعزيز الخبرة الفنية في المنتخب، إلا أن التزامه الحالي مع الخلود يرسخ موقفه كمدرب قادر على تحقيق نتائج ملموسة على صعيد الدوري السعودي.
خلفية ومسيرة بن زكري وتأثيرها على مسيرة الخلود
يُعد نور الدين بن زكري من الأسماء اللامعة في عالم التدريب، إذ يتميز بخبرة كبيرة في التعامل مع الأزمات وإعادة هيكلة الفرق التي تعاني من مشاكل في النتائج والأداء. فعندما تم تعيينه في الخلود، كانت توقعات الجماهير مرتفعة رغم التحديات الكبيرة التي واجهها الفريق. فقد جاء تعيينه في وقت كانت النتائج فيه تراجعية، وكانت الإدارة تبحث عن شخص يمكنه إعادة الثقة في الجماهير وتحقيق استقرار ما قبل دخول مرحلة المنافسات الحاسمة.
منذ انضمامه إلى الخلود، استطاع بن زكري أن يقدم رؤية جديدة تتسم بالانضباط والتنظيم التكتيكي، مما انعكس إيجابًا على الأداء العام للفريق. ومع تحقيقه لعدد من الانتصارات المهمة، أصبح من الواضح أن نهجه التدريبي قادر على استثمار الإمكانيات الفنية والبدنية للاعبين، وإحداث تغييرات تكتيكية تساهم في تحقيق النتائج المرجوة. هذا الأداء الجيد مع الخلود أعطى انطباعًا قويًا لدى وسائل الإعلام والمشجعين على حد سواء، مما دفع البعض إلى التفكير في إمكانية انتقاله لتولي مسؤولية أكبر على المستوى الدولي.
وعلى الرغم من ذلك، فإن التزام بن زكري الحالي مع الخلود يُظهر أنه لا يزال يرى في مهمته هناك تحديًا يستحق المثابرة، خاصةً في ظل التحديات التي تواجه الدوري السعودي في هذه الفترة. الفريق يحتل المركز العاشر برصيد 31 نقطة، وهو موقف يستدعي استقرار الأداء للحفاظ على مكانه بين كبار دوري روشن، كما أن التحديات الفنية والإدارية التي يواجهها الفريق تتطلب وجود مدرب يمتلك القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب.
جدل الانتقال وتأثيره على الساحة الفنية والإعلامية

انتشرت شائعات انتقال بن زكري إلى المنتخب الإماراتي في ظل الأنباء المتداولة حول إعادة هيكلة جهاز التدريب بعد إقالة باولو بينتو. وقد تفاعلت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية مع هذه الشائعات بشكل كبير، حيث تباينت الآراء بين من يرون أن انتقاله قد يكون خطوة إيجابية لتطوير المنتخب الإماراتي خلال فترة انتقالية، وبين من يرون أن استمراره مع الخلود يُعد إشارة إلى استقرار الفريق واستمراره في تقديم الأداء المتميز في دوري روشن.
من جانب آخر، فقد لعب الإعلامي أحمد الجدي دورًا حاسمًا في طمس هذه الشائعات عبر تصريحاته المباشرة التي أكدت عدم وجود أي مفاوضات مع الاتحاد الإماراتي بشأن تدريب المنتخب. هذا التصريح لم يأتِ فقط لطمأنة جماهير الخلود، بل كان له أيضًا أثر في تقليل التكهنات التي كانت تسيطر على الأوساط الرياضية، خاصةً بعد إقالة بينتو من منتخب الإمارات. يبدو أن الجدل حول هذا الملف يحمل بين طياته أكثر من مجرد تغيير في الجهاز التدريبي، بل يمثل انعكاساً للتحديات التي تواجهها الهيئات الرياضية في التعامل مع الانتقالات والشفافية في الإجراءات الإدارية.
الرؤية المستقبلية لبن زكري ومستقبل الخلود في دوري روشن
من المؤكد أن التزام بن زكري الحالي مع فريق الخلود يُمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق استقرار النتائج في ظل منافسات دوري روشن السعودي. فبفضل خبرته وقدرته على إدارة الأزمات، استطاع أن يضع خطة واضحة لإعادة هيكلة الفريق وتحسين أدائه في المباريات القادمة. وفي ظل التحديات التي تواجهها الأندية السعودية اليوم، يمثل وجود مدرب قادر على اتخاذ قرارات حاسمة ودعم اللاعبين في اللحظات الحرجة ركيزة أساسية لضمان استمرار النجاح.
ومع ذلك، يبقى التساؤل قائمًا حول ما إذا كان سيتم عرض عليه أي فرصة للانضمام إلى جهاز المنتخب الإماراتي في المستقبل، خاصةً إذا ما استمرت الشائعات في الانتشار. لكن كما أكدت تصريحات أحمد الجدي، فإن الوقت الحالي ليس مناسبًا لأي انتقال، إذ أن بن زكري يركز بشكل كامل على مهمته مع الخلود ويعمل على تحقيق نتائج إيجابية في دوري روشن. هذا التوجه قد يُعد مثالاً يحتذى به للأندية والمنتخبات على حد سواء، حيث تُظهر أولويات واضحة لا تتأثر بالضغوط الخارجية أو التكهنات الإعلامية.
تأثير الشائعات على مناخ المنافسة والإدارة الرياضية
إن انتشار الشائعات المتعلقة بانتقالات المدربين من الظواهر الشائعة في عالم كرة القدم، إلا أن الطريقة التي يتعامل بها الأندية والاتحادات مع هذه الشائعات قد تكون مؤثرة بشكل كبير على استقرار الفريق ومناخ المنافسة في الدوري. ففي حالة بن زكري، فإن التأكيد على استمراره مع الخلود يرسل رسالة واضحة إلى جميع الأطراف بأن الأهداف طويلة الأمد والإدارة الحكيمة تتفوق على التكهنات السطحية التي قد تُشتت الانتباه عن المهمة الأساسية، وهي تحقيق نتائج إيجابية والارتقاء بمستوى الفريق.
من جهة أخرى، فإن مثل هذه الشائعات قد تُسبب بعض الاضطرابات في صفوف اللاعبين والإدارة، إذا لم يُتصدى لها بشكل فوري وواضح. ولهذا السبب، فإن التدخل الإعلامي الصريح مثل تصريحات أحمد الجدي له أهمية كبيرة في تهدئة الأوضاع، والحفاظ على تركيز الفريق على المهمة الرياضية التي تنتظره. كما أن الأندية التي تُظهر شفافية ووضوحاً في التعامل مع الأخبار قد تتمكن من كسب ثقة جماهيرها وتجنب الأضرار الناتجة عن الانتقادات والتكهنات غير المستندة إلى وقائع.
مقارنة بين مسيرة بن زكري والمدربين الآخرين في المنطقة

إذا نظرنا إلى مسيرة نور الدين بن زكري، نجد أنه يمتلك سجلًا حافلًا بالإنجازات في سياق إنقاذ الأندية وتحقيق الاستقرار الفني، مما يجعله خياراً مثالياً لأي فريق يبحث عن تجديد روح المنافسة والارتقاء بالأداء الفني. وقد أظهر قدرته على التعامل مع ضغوط المباريات وتنظيم الفريق بشكل يُتيح للاعبين تقديم أفضل ما لديهم، وهو ما يُعتبر من العوامل الأساسية التي تُميز المدربين الناجحين في هذا العصر التنافسي.
ومن المؤكد أن تجارب مدربين آخرين في المنطقة قد أظهرت أهمية الاستمرارية والالتزام بمهمة تحسين الأداء قبل التفكير في أي انتقالات كبيرة. لذا فإن قرار بن زكري بالبقاء مع الخلود يُعد خطوة إيجابية منطقية تتماشى مع التجارب الناجحة التي تحققت في أندية أخرى في المنطقة، حيث يكون الاستقرار الفني سبباً رئيسياً في تحسين النتائج وتعزيز ثقة الجماهير.
التحديات القادمة وكيفية مواجهة الضغط الإعلامي
يواجه بن زكري الآن تحديات عدة، أهمها تحقيق المزيد من الانتصارات مع الخلود وتحقيق نتائج تُقرب الفريق من صدارة دوري روشن السعودي. وفي الوقت ذاته، يبقى عليه التعامل مع الضغوط الإعلامية والشائعات التي قد تؤثر على التركيز داخل الفريق. إن مثل هذه الظروف تتطلب من الجهاز الفني والإداري وجود استراتيجية واضحة للتعامل مع الأخبار المتداولة، مع الحرص على إبقاء اللاعبين في حالة ذهنية إيجابية ومركزة على الهدف الرياضي الأساسي.
ويُعتبر الدور الإعلامي في مثل هذه الحالات عاملًا مهمًا يجب التعامل معه بحكمة، بحيث يتم نقل الصورة الصحيحة لجماهير النادي وتجنب الانتقادات المبنية على التكهنات غير المؤكدة. ومن خلال تبني نهج شفاف وصريح في التواصل، يمكن للمدرب والإدارة التغلب على هذه التحديات وتحويلها إلى قوة دافعة لتحقيق الإنجازات على صعيد الدوري.
تأثير التزام بن زكري على مشهد التدريب في المنطقة
إن استمرارية بن زكري مع فريق الخلود قد تحمل في طياتها دروساً قيمة لكافة الأندية والمنتخبات في المنطقة، حيث تؤكد أن الاستقرار والالتزام بالمهمة المحددة يُشكّلان حجر الأساس لتحقيق النجاح على المدى الطويل. وهذا التوجه يتعارض مع الشائعات التي قد تشتت جهود الفريق وتضعف من عزيمته في مواجهة التحديات الرياضية.
بفضل خبرته ومهاراته في إدارة الأزمات وتنظيم الفريق، أصبح بن زكري رمزاً للتحدي والإصرار في عالم التدريب، مما يُضيف بعدًا جديدًا لمشهد التدريب في المنطقة العربية. ورغم الضغوط والتكهنات المستمرة، يبقى تركيزه منصباً على تطوير أداء الخلود وتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية التي يمكن أن ترفع من مكانة النادي في دوري روشن السعودي.
رؤية شمولية لمستقبل التدريب في كرة القدم العربية
من خلال متابعة مسيرة بن زكري والقرارات التي اتخذها فيما يتعلق بالبقاء مع فريقه، يتجلى نموذج للمدرب الذي يضع مصالح الفريق والأهداف الرياضية في المقام الأول، دون الانجرار خلف الشائعات أو الانتقال السريع إلى تحديات جديدة قد لا تكون مناسبة في الوقت الحالي. وهذه الرؤية تُعد من العوامل التي يُمكن أن تُحدث نقلة نوعية في طريقة إدارة الفرق في كرة القدم العربية، حيث يكتسب الجهاز التدريبي خبرة ومصداقية تتجاوز مجرد النتائج المؤقتة.
إن الحفاظ على الاستقرار الفني في الأندية يُسهم في خلق بيئة تنافسية صحية تُركز على تطوير اللاعبين وتعزيز الأداء الجماعي، ما ينعكس إيجابًا على مستوى الدوري بأكمله. وفي ظل هذا السياق، يمثل التزام بن زكري مع الخلود رسالة قوية لجميع الجهات الرياضية بأن النجاح يحتاج إلى صبر وعمل متواصل، وأن الشائعات لن تكون عاملاً مغيراً لمسار الفريق إذا ما تم التعامل معها بحكمة ووضوح.
إن الأجواء الحالية في كرة القدم العربية تحمل بين طياتها تحديات وفرصاً كبيرة، ويبدو أن قرار بن زكري بالبقاء مع فريق الخلود يُمثل مثالاً يحتذى به في كيفية مواجهة الأزمات الإعلامية والفنية معاً. إن التزامه الراسخ بالمهمة يعكس رغبة حقيقية في تحقيق التقدم والتطوير، سواء على صعيد الدوري المحلي أو في مواجهة التحديات القارية، حيث لا يقتصر الأمر على النتائج الفورية فحسب، بل يمتد إلى بناء مستقبل واعد يستند إلى الخبرة والاحترافية.
وبالنظر إلى المشهد العام، فإن قرار بن زكري بإثبات ولاءه لفريق الخلود يُشكّل درساً في الإصرار على تحقيق الأهداف رغم كل الظروف، ويعزز من صورة التدريب العربي الذي يوازن بين الطموح والمصداقية. وبينما يستمر الحديث عن مستقبل المنتخب الإماراتي والتغييرات المحتملة في الجهاز التدريبي، يظل نور الدين بن زكري نموذجًا يحتذى به لمن يراهن على استقرار الأداء والتزام المهمة قبل التفكير في القفز إلى تحديات جديدة.